من جمال الأبوة الى وقاحة التكاسل

Saturday, March 22, 2008

8 فضفضوا معايا  

استقليت ذاك التاكسي و بينما أجلس في المقعد الخلفي سمعت حوارا دار بين السائق و الرجل بجواره ، كلاهما شاب في مقتبل حياته ، و لست أدري كيف كان الحديث قبل أن أنتبه له و لكن ذات فجأة سمعت السائق يقول للرجل :عقبالك كده أما تتجوز
فيجيبه الآخر و هو يبتسم : ما أنا متجوز و عندي مالك
- مالك اسم جميل ربنا يخليهالك
- ده اسم ولد
- آه صحيح ، البنت يبقى اسمها ملك
-تمام كده
- ما أنا برضه عندي مريم
لن اطيل في سرد الحوار و الذي دار بعد ذلك حول عمر كلا من الطفلين و حول سبب إعطاء مريم اسمها الجميل و مثلها من الأشياء و لكن ما جعلني أبتسم حينئذ هو فرحة كل من الشابين و هو يتحدث و قد تملكته غريزة اب جميلة ، تلك الغريزة التي تجعلنا ننظر لأطفالنا و ندرك انها أنهم أفضل ما صنعنا في حياتنا ، نظر اليهم و قد أدركنا عظمة هذه الغريزة التي تنمو بداخلنا يوما بيوم حتى نهب الحياة لأبنائنا فنجدها كأبلغ ما يكون ، فلا أحد علم الطير كيف يحلق عاليا ، ولا أحد علم الحيتان أن تلهو في الأعماق ، ولا أحد علم الأب أن يحب أبناءه و يفرح بهم و يسعد لرؤياهم ، و كأن أجمل ما في الدنيا هو أن تحمل طفلك بين ذراعيك تداعبه و هو يضحك في براءة ، فإذا بضحكات هذا الصغير بنقائها و صفائها و خلوها مما علمتنا الدنيا نحن الكبار ، و كأن ضحكاته أنامل من ذهب تعزف على أوتار قلوبنا ، و كذلك الأمومة فإذا كان ذا حال الأب و قد فطر الرجل على الجدية و القوة فكيف حال الأم التي فطرت من ضعف و حنان ، فالأم تحنو إذا قست الأيام و الأم ولدت أما و ترعرعت أما و انتظرت طوال عمرها أن تصبح أما .. أفكار كثيرة تداعيت على ذهني و انا أفكر فيما سمعت و أبتسم ، اللهم انك أودعت بداخلي ابا فلا تسلمه الى وحدة ، اللهم كما دعاك زكريا فاستجبت و كما سألت فأعطيت .. أاللهم هب لي من لدنك الذرية الصالحة
يزيل بسمتي حزن على ما وصلنا اليه ، اذ حدث أنه بعد بضعة دقائق أن امراة تعبر بين نهري الطريق و قد وضع بينهما سور ، و رغم كبر سنها الذي لا بد منطقيا أن يرتبط بنضج فكري و رغم حجابها و تلك العباءة السوداء وجدتها ترفع قدما فتتخطى بها الحاجز ثم الأخرى كذلك و فيما بنهما قد انحسرت عبائتها و الحمد لله إذ سترها بنطال ارتدته تحته ، فآلمني أن سيدة كهذه تفعل مثل هذا التصرف و ما كان يضيرها شيئا لو انتظرت على نفس الجانب حتى ينتهي السور الحديدي ، شد ما آلمني انه ما ان تقدمت السيارة قليلا حتى اكتشفت أن نهاية السور ليست ببعيدة و انما هي على بعد بضعة أمتار تعد على أصابع اليد الواحدة ، فعجبي علينا أصبحنا صغارا و كبارا لا نعي ما نفعل و كأننا فقدنا عقولنا و أسفي على زمن فقدنا فيه التعقل فاضحينا كالمجانين و الحياء فأصبحنا وقحين و قيمنا فلم نعد نحن

أم لم تكن أبدا كما ظننتها؟؟

Wednesday, March 12, 2008

12 فضفضوا معايا  

لأني اخترت أن أكتب هنا لأبوح .. فبدلا من أن أكتم بنفسي و أتالم ، قررت سبقا أن آتي هنا من حين لآخر لأهون على نفسي .. و أزيل عنها بعض أحزانها .. و كان وراءي اليوم ألم يعتصرني و يدفعني دفعا أن آتي و أتحدث ، ربما يعينني هذا على تخطي الأمر .. و ربما كان هدفي هو أن أجد أحدا يرد علي فيقول ان شعوري خاطيء و ربما لم يكن شيئا من هذا .. لست أعرف ما الذي أنتظره من وراء بوحي بما يعتمل بداخلي ، بل ربما لست أدري ما الذي دفعني لأبوح ، و لكن ها أنا ذا .. سألت نفسي سؤالا و عجزت عن الجواب .. سألتها ان كنت لا أستحق أن أكتب ، فلم تلق الي بالا و تركتني كما كنت في حيرة .. أدرك أنها مثلي قد فقدت الثقة فيها ، و لكني اعتدت منها أن تضحي في كل مرة .. فتخبرني بأني أستحق أن أمسك قلمي ، و أن أطلق لكلماتي العنان فتحملني على بساط أفكاري الى عوالم سمعت بها ، و ربما لم اسمع .. الى دنيا من صنعي أجد فيها ما ابحث عنه ، حتى اذا هبط بي بساط أفكاري في عالمي الذي أحيا به ، زالت عني تلك السعادة التي كانت تغمر قلبي بينما كنت أكتب لأجد نفسي بين تساؤلاتي هل كان ما كتبت جديرا باسعادي مثل هذه السعادة ، و لكني لم أشغل بالي أبدا بالرد على هذا السؤال .. كنت ان لم آخذ بساطي أتذكر ما كتبت قبلا ، و أزور قصاصات ورق كنت قد أسكنتها أجزاءا مني من قبل ، أقرأ فيها ، أتنقل ما بين سطور شعر كنت أكتبه ، و لست أدري ان كانت سعادتي به حينئذ لأنه يستحق ، أم أنني أراه جميلا لأني على سوءه لم أعد استطع أن أكتب مثله و قد خاصمني قلمي و هجرتني كلماتي ،كنت أهرب من الإجابة ، و لست أدري حتى الآن ان كان كل ما كتبت ، أو كل ما أكتب استحق أن يرى النور و أن يخطه قلم ، أم أنني أحد هؤلاء الذين يغالبون الكلم فلا يظفرون منه الا بالهزيمة .. ليس الأمر مقصورا على الكلمات بل كذلك كل شيء في ، أسائل نفسي الآن إن كان فيّ أي شيء جميل ، أم أنه زيف ، هل أنا حقا كما حسبت نفسي دائما ، أم قد بلغت من السوء حدا يصعب علي فيه أن أعترف بأخطائي ، فاذا اعترفت بها حينئذ لم يبق مني شيء .. هل أنا حقا موهوب كما ظننت أم أنني من مدعي الموهبة ، أم هل كانت موهبة و اندثرت فعلي أن أحفظ سيرتها ، و لا أشوه كلما عظيما نسجه نولي بقصائد واهية و كلام أحمق متنمق ،أحيانا أقول لنفسي أنني حقا موهوب ، و انني إن استمررت في المحاولة فلربما أعود كما كنت أكتب مسترسلا تتسابق الكلمات تخطب ود أفكاري و تهرول أفكاري تقطف ورودا من بساتين الكلم لترسم لوحة في بيت أو همسة من قلبي أسكنتها وريقة ، و لكن تسألني نفسي ان كنت في الأساس موهوبا ، و ان كان ما كتبته قبلا هو كما آمنت حينها ، أم إن كل ما خط قلمي مجرد أوهام ، أعود لحيرتي ،أمسك قلمي محاولا أن أثبت أنني كما آمنت دوما ، فحينا تمتنع الكلمات و تتناثر الأفكار بين رياح شكوكي ، و حينا تاتيني بضع كلمات قد كان بيني و بينها عهود و مواثق ، فاسطرها حينا كما اعتدت و حينا أسكنها في منزل صغير بعد أن كنت أسكنها السحاب على ما آمنت حينها .. فتأبى و تمتنع .. تفر كلماتي كما تفر الآن و لا يبقى لي الا سؤالي الذي أحيا هاربا منه ، أكانت نفسي يوما أم لم تكن أبدا كما ظننتها